قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
محاضرة في جامع حطين
7602 مشاهدة
خليل الله إبراهيم ودعوته قومه

من جملة الرسل إبراهيم -عليه السلام- فإنه ظهر وقومه يعبدون آلهة من دون اللَّه يعبدونها مع اللَّه فأنكر عليهم سألهم وقال: مَاذَا تَعْبُدُونَ أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ أتقصدون وتجعلون مع اللَّه آلهة إفكا وكذبا ، وسألهم في أية أخرى مَا تَعْبُدُونَ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا اعترفوا بأنها أصنام فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ أي نمكث طوال النهار عاكفين لها مقيمين حولها معظمين لها فسألهم هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ اعترفوا بأنها لا تنفع ولا تضر ولا تسمعهم ولا تجيبهم وإنما هي جماد ، في آية أخرى أنه قال: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ وجدنا آباءنا يعبدونها وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ هكذا اعترفوا أنهم متبعين آباءهم لها قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ .
فالعبادة معناها التذلل لها ، لا شك أن هذه يسمونها آلهة ومعبودات ، ثم ذكر اللَّه تعالى أن إبراهيم نصح والده وقال: يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا لم تعبد كيف تعبد هذه الأخشاب وهذه الأحجار التي لا تسمعك ولا تجيبك ولا تغني عنك شيئا ، نصح آباه قال: يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا أوحى اللَّه تعالى إليه بهذا الدين وأمره بأن يدعوا إليه ولكن لم يقبلوا منه .
ثم إنه لما رأى إقبالهم على عبادة تلك الأخشاب التزم بأن يكسرها ، فقال: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ثم إنه راغ إلى آلهتهم وهي مصفوفة وعندها الطعام ، فقال مستهترا بها أَلَا تَأْكُلُونَ لماذا لا تأكلون من هذه الأطعمة ألا تأكلون منها مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ فأخذ يكسرها بفأس ويحطمها إلا أنه ترك أكبرها وعلق الفأس فيه ، فلما جاءوا وإذا هي مكسرة جعلهم جذاذا فقالوا من الذي فعل هذا بآلهتنا عرفوا أن إبراهيم -عليه السلام- قد هددهم بقوله: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فعرفوا أنه هو الذي حطم تلك الأصنام فعند ذلك استدعوه أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ فقال: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا هذا الذي هو أكبرهم غار عليه وقال كيف يجعل معي من هذه الصغار فكسرها فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ .
فالحاصل أن هذا دليل على أن الشيطان قد لعب بهم حيث صدهم عن عبادة اللَّه تعالى وأمرهم بأن يعبدوا تلك الأصنام وما أشبهها وتلك الصور وتلك التماثيل مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ فهذه دعوتهم كلهم دعوا إلى إخلاص الدين لِلَّه تعالى وإلى توحيده وإلى عبادته .